دموع غزة على وسادة الزمن
الدكتور ... فايز أبوشمالة
الدكتور ... فايز أبوشمالة
كل
شيء تغير في غزة إلا الكرامة، وينقص غزة كل شيء إلا الرجال؛ أينما يممت
وجهك تطالعك آلاف الوجوه لأشبال وشباب لا تعرف كيف انشقت عنهم الأرض، وفي
عيونهم تمرد، وغضب، وكراهية، ورغبة في الانفجار في وجه الحصار.
الغريب في هذا المشهد الغريب من غزة، أن أهل غزة لم يثورا على واقعهم، ولم
يتنكروا لما أت أليه الأمور مثلما لم يتنكر السجناء الفلسطينيون في السجون
الإسرائيلية للثورة الفلسطينية، رغم ما لحق بهم، وأصابهم من وجع السجان،
وصدأ القضبان.
ما ليس غريباً عن أهل قطاع غزة أنهم يعرفون محاصرهم الحقيقي، ويسمونه
بالاسم، ويعرفون أن للحصار أهدافاً سياسية، وأن المقصود بحصارهم هو انتزاع
المواقف، والتسليم بالثوابت، ويعرف أهل غزة أن القدس، ومقدسات المسلمين
الدينية هي المستهدفة، وأن التسليم بضياع يافا، وحيفا، وصفد، واسدود، وبيت
دراس، وحمامة، والسوافير، والجورة، وبئر السبع، وكل المدن، والقرى
الفلسطينية المغتصبة سنة 1948 هو الأصل في الصراع، وأن تصفية قضية
اللاجئين على جدول أعمال المفاوضات، لذا لا تسمع في غزة من يتحدث عن ثورة،
وعن انتفاضة، وعن غضب داخلي، وهذا لا يعني أنك لا تجد في غزة من يشتكي
الحال المعيشي!
وفي كل صباح يحتار أعداء غزة، رغم اختلاف مشاربهم، يفتشون في جدائل شعرها
عن ذرة غبار، ويتساءلون: ما سر صمود غزة؟ متى ستسقط؟ متى ستنهار؟
لم يكلف أحد نفسه عناء قراءة الواقع السياسي الفلسطيني من جديد، لم يدرك
أحد المتغيرات الجوهرية في حياة الناس، ولاسيما بعد أن تذوقت غزة حلاوة
طرد الجيش الإسرائيلي بالقوة عن بعض أراضيها، وهذه ليست المرة الأولى في
التاريخ التي تحبط فيها غزة أعداءها، وتفشل مخططهم، فقد جاء في كتاب
اليهود "التناخ" ـ هذا في حالة تسليمنا بالتاريخ الديني اليهودي ـ : أن
شمشون اليهودي الجبار، قبل ثلاثة آلاف سنة، كان يغير على غزة، يهاجمها،
يقتل أبناءها، ويغتصب نساءها، مستخفاً بكل أهل غزة، الذين احتاروا بمصدر
قوة "شمشون" إلى أن تحايلوا في اصطياده بخديعة "دليلة" الفلسطينية، وباقي
القصة معروف.
الملفت في القصة التاريخية، أن أول عقاب أنزله أهل غزة بشمشون الجبار،
إطفاء نور عينيه، وفي ذلك دلالة على أن مصدر القوة الحقيقي لشمشون اليهودي
الجبار هو: العين بالمعنى الحقيقي للكلمة، والمعنى المجازي.
لقد أطفأت غزة نور عين عدوها قبل أن تخلع ملابسها، لتسبح عارية في بحر
الحصار إلا من ثياب الثوابت الفلسطينية، تذرف دمعتها على وسادة الزمن،
وتتنهد بصمت، وتهمس في سِرِّها: تموتُ الحُرةُ ولا تأكلُ بثديها.
شيء تغير في غزة إلا الكرامة، وينقص غزة كل شيء إلا الرجال؛ أينما يممت
وجهك تطالعك آلاف الوجوه لأشبال وشباب لا تعرف كيف انشقت عنهم الأرض، وفي
عيونهم تمرد، وغضب، وكراهية، ورغبة في الانفجار في وجه الحصار.
الغريب في هذا المشهد الغريب من غزة، أن أهل غزة لم يثورا على واقعهم، ولم
يتنكروا لما أت أليه الأمور مثلما لم يتنكر السجناء الفلسطينيون في السجون
الإسرائيلية للثورة الفلسطينية، رغم ما لحق بهم، وأصابهم من وجع السجان،
وصدأ القضبان.
ما ليس غريباً عن أهل قطاع غزة أنهم يعرفون محاصرهم الحقيقي، ويسمونه
بالاسم، ويعرفون أن للحصار أهدافاً سياسية، وأن المقصود بحصارهم هو انتزاع
المواقف، والتسليم بالثوابت، ويعرف أهل غزة أن القدس، ومقدسات المسلمين
الدينية هي المستهدفة، وأن التسليم بضياع يافا، وحيفا، وصفد، واسدود، وبيت
دراس، وحمامة، والسوافير، والجورة، وبئر السبع، وكل المدن، والقرى
الفلسطينية المغتصبة سنة 1948 هو الأصل في الصراع، وأن تصفية قضية
اللاجئين على جدول أعمال المفاوضات، لذا لا تسمع في غزة من يتحدث عن ثورة،
وعن انتفاضة، وعن غضب داخلي، وهذا لا يعني أنك لا تجد في غزة من يشتكي
الحال المعيشي!
وفي كل صباح يحتار أعداء غزة، رغم اختلاف مشاربهم، يفتشون في جدائل شعرها
عن ذرة غبار، ويتساءلون: ما سر صمود غزة؟ متى ستسقط؟ متى ستنهار؟
لم يكلف أحد نفسه عناء قراءة الواقع السياسي الفلسطيني من جديد، لم يدرك
أحد المتغيرات الجوهرية في حياة الناس، ولاسيما بعد أن تذوقت غزة حلاوة
طرد الجيش الإسرائيلي بالقوة عن بعض أراضيها، وهذه ليست المرة الأولى في
التاريخ التي تحبط فيها غزة أعداءها، وتفشل مخططهم، فقد جاء في كتاب
اليهود "التناخ" ـ هذا في حالة تسليمنا بالتاريخ الديني اليهودي ـ : أن
شمشون اليهودي الجبار، قبل ثلاثة آلاف سنة، كان يغير على غزة، يهاجمها،
يقتل أبناءها، ويغتصب نساءها، مستخفاً بكل أهل غزة، الذين احتاروا بمصدر
قوة "شمشون" إلى أن تحايلوا في اصطياده بخديعة "دليلة" الفلسطينية، وباقي
القصة معروف.
الملفت في القصة التاريخية، أن أول عقاب أنزله أهل غزة بشمشون الجبار،
إطفاء نور عينيه، وفي ذلك دلالة على أن مصدر القوة الحقيقي لشمشون اليهودي
الجبار هو: العين بالمعنى الحقيقي للكلمة، والمعنى المجازي.
لقد أطفأت غزة نور عين عدوها قبل أن تخلع ملابسها، لتسبح عارية في بحر
الحصار إلا من ثياب الثوابت الفلسطينية، تذرف دمعتها على وسادة الزمن،
وتتنهد بصمت، وتهمس في سِرِّها: تموتُ الحُرةُ ولا تأكلُ بثديها.